انا عملت كل حاجة ممكن تتخيلها عشان أهرب من الواقع, عملت الفاحشة كتير أوي, لدرجة اني مبقتش فاكر كام مرة عملت كدا, جربت كل أنواع المخدرات, من أو السيجارة لحد حقن الماكس, سرقت كذا مرة مع اني مش محتاج فلوس من الأساس, اتخانقت الف خناقة وخناقة واتسببت في عاهات مستديمة وعجز لحوالي ست أشخاص..
بس الطريق اللي مكنتش لسة سمعت عنه هو طريق العالم الآخر, العالم الغامض, المُخيف, الضبابي, العالم اللي لما بتدخله استحالة تخرج منه زي ما دخلته, استحالة..
يومها كنت جالس مع صديق يتعاطى المخدرات وبالصدفة عرضت فيلم رعب، وتحديداً مشهد فتاة محبوسة في قبر مغلق، ولم أعرف سبب زيادة هرمونات الإثارة. بطريقة غريبة شعرت أن هذه تجربة تستحق التجربة. تخيل دخول القبر وحدك والاقتراب من أبواب العالم، في بعض النواحي، هذه تجربة تستحق المحاولة.
لدرجة اني شديت نفس عميق من السيجارة المخدرة بعمق وسندت براسي على مسند الكرسي وغرقت في عالم الخيال, بتخيل لما القبر يتقفل عليا, لما هرمون الاثارة يشتعل جوايا, لما احس بضيق الأنفاس والظلام يلف حوليا زي الثعبان الفتاك, الهمسات والحركات اللي حوليا, وصمت القبر اللي يصم الودان, مجنون بيتخيل حاجة مجنونة زيه..
وقتها وانا منتشي مسكت الموبايل وبحثت عن تجارب ناس دفنوا نفسهم جوة القبور, وخدني محرك البحث من موقع لموقع لحد ما لقيت تجربة غريبة لواحد بيحكي عن كيفية استدعاء القرين, وكيف كانت التجربة ممتعة قدر الإمكان، عندما تتصل بكيان يهتم بك وتتحدث معه وتستخدم سلطته لصالحك، كتب أن التجربة ممتعة قدر الإمكان.
الغريب انه كان كاتب طريقة الاستدعاء على موقع عام وسهل أي شخص يوصله, بصيت للمقال لقيته لسة نازل على الموقع من ربع ساعة بس, وابتسمت, ابتسمت ابتسامة شيطان بشري..
لقطة شاشة للعملية، وبعد فترة توقفت القصة بأكملها وتوقف الموقع عن العمل عندي. عدت ورأيت أن الموقع يعمل، لكنهم كانوا على وشك حذف المقال، وكنت سعيدًا جدًا. قام أصحابها بإزالته لأنه كان نظامًا. استدعاء حقيقية, ليه لا, بس الغريب ان طريقة الاستدعاء كانت سهلة جدا, بس محتاجة طقوس معينة وطبعا كلها حرام, بس واحد زيي كان أخر حاجة ممكن يفكر فيها هي الحرام..
الشرط الأول: أن ترتكب الفاحشة في إحداهما ولا تغتسل. الشرط الثاني: أن تكون عارياً وحدك وفي الغرفة تكون
وترسم نجمة سداسية في نص الاوضة وترسم ست حروف عند زوايا النجمة وتولع شمعة على راس كل مثلث وتردد اسمك بالمقلوب تلاتة وتلاتين مرة..
وانا سهل أوي انفذ كل الكلام ده, انا الشر كله, شقتي اللي في القاهرة فاضية, اتصلت بواحدة اعرفها وطلبت منها تجيلي شقتي, جبت معايا الشمع والقلم اللي هكتب بيه وتجهزت لليلة المثيرة دي..
وعلى الساعة سبعة بالليل ركبت عربيتي وكنت على الساعة تسعة في قلب القاهرة قدام شقتي, طلعت بسرعة رسمت النجمة وحطيت الشموع حسب ترتيبها واستنيت فتاة الليل تيجي, وبالفعل كلها دقايق لقد جاء، لقد تم نقلي دون ندم منه، وطلبت منه أن ينام معي في تلك الليلة، لكن بالطبع، طالما دفعت أكثر، فلن يمانع، لقد نام على الفور بسبب التوتر والقلق. اسمحوا لي أن أستيقظ.
ركضت على الفور إلى الغرفة الثانية، خلعت ملابسي، وقفت بين النجوم، أشعلت شمعة وكتبت عليها رسالة، أطفأت الضوء في الغرفة وجلست بين الشموع المشتعلة. وبصوت مليء بالاحترام، كررت اسمي.
"نيسح"
"نيسح"
"نيسح"
رددته حوالي ثلاثة وثلاثين مرة, كنت متوقع ان مفيش أي حاجة هتحصل, بس الرعب كان ناوي يتشكل قدامي, لأن كل اضواء الشموع طفت مرة واحدة, وغرقت في ظلام دامس أشد من ظلام القبور..
وبدأت أحس ان فيه حضور غريب في الاوضة, كأن فيه شخص بيتنفس ورايا, صوت أنفاسه واصلني, أنفاس خشنة, مخيفة, وحرارة غريبة بدأت توصل لجسمي, حرارة شديدة, لدرجة ان جسمي كله بقا بيعرق بغزارة, قلبي وقتها كان بيدق بهيستريا..
الموضوع مش مثير اطلاقا, الأمر شديد, صعب, مُخيف, وجسمي فاقد السيطرة عليه تمامًا, وقتها وقبل ما اتحرك سمعت صوت وشوشة بتقول
"مع انصرافي هاخد معايا حاجة غالية اوي"
ورفض جسمي يتحمل اكتر من كدا ووقعت من طولي, وقعت وكأني سقطت في بئر عميقة, كلها ضلمة, أو كأني وقعت في قلب دوامة شديدة, احساس صعب, حاسس بثقل ضخم في راسي, كأن فيه صخرة ضخمة محطوطة عليها, ومن بعيد بدأت توصلني اصوات, اصوات حميمية, كأن فيه شخص بيعمل الفاحشة مع احداهن..
الصوت كان واضح, واضح بطريقة غريبة, لدرجة اني صحيت فجأة, صحيت بدون أي مقدمات, المكان كان لسة زي ماهو ظلام دامس, قمت بالعافية من مكاني, حاسس بصداع شديد, وكان الصوت لازال واصلني, قربت من مصدره بخوف عشان اتفاجئ بيه جاي من الاوضة اللي نايمة فيها البنت..
قربت بحذر وقلق عظيم وفتحت الباب, وشوفت
شوفت العجب العجاب
ده انا, ايوة انا, نفس هيئتي, واقع في مستنقع الرزيلة مع البنت, شايفني من ضهري مندمج معاها حتى النخاع, في اللحظة دي شبيهي بص ناحيتي, كان مكان عنيه فراغ تام, مفيش أي عيون فيها..
وقبل ما حتى اتفزع من المشهد فتحت البنت عنيها وبصت للجسم اللي فوقها, وشافت الوجه اللي من غير عيون, وقتها صرخت صرخة واحدة, صرخة واحدة بس, لأنه ضمها بقسوة, ضمها ضمة شوفت فيها جسمها بيتجمد زي لوح الخشب, البنت وكأنها بتتحول لتمثال بس من لحم ودم..
وفي لحظات شوفتها, شوفتها جثة مفتوحة الفم وعلى عنيها أقصى علامات الفزع, مقدرتش اكمل المشهد لأني جريت زي المجنون, سحبت أي هدوم قابلتني ولبستها وانا بجري على سلم العمارة وبهرب من المكان كله..
كنت زايغ العينين, الصدمة مسببالي شلل تفكير, وشلل حتى في حركتي, مش مستوعب ولا مصدق اللي انا شوفته ده, قعدت على أول كافتيريا في الشارع مش قادر أنطق, لسة جسمي بيترعش, وكلها دقايق وراحت حالة الصدمة وبدأت استوعب اللي حصل, وأكبر كارثة بالنسبالي كانت في وجود جثة في الشقة, استحالة تكون لسة عايشة بعد ما شوفتها مع الكيان ده, استحالة..
حاولت أن أشرب فنجانًا من القهوة، لكن ارتعاش يدي جعل من الصعب عليّ أن أحمل أي شيء. وأخيراً اتصلت بشخص أعرفه، وهو مجرم معروف، وأخبرته بما حدث، لكن بالطبع أخبرته بذلك. بنت ماتت نتيجة تعب مفاجئ, سمعت وقتها صوت ضحكة شيطان وقال:
- وحتى لو انت اللي قتلتها, طالما هتدفع يبقا مش مهم
خدته على الشقة وانا ميت من الخوف, عمال استعيذ بالله من شر الشياطين, دخلنا الاوضة وشوفنا الجثة, ببساطة البنت كانت وكأنها ميتة من أيام, مش من ساعتين بس, الوجه ازرق منفوخ, والعنين جاحظة ومفتوحة على اخرها, والريحة حرفيا لا تُطاق, بصلي الشخص ده بتعجب بس معلقش, وفي لحظات بس كان حاطط الجثة في شوال كبير ومربطها بحرفنة وشايل كل حاجة ممكن تدل على وجودها, وفي لحظات كان خد الجثة على العربية ومشي من المكان كله..
اتنفست بعمق بعد ما خلصت منها ودخلت الاوضة ورميت كل الشموع ومسحت الرسمة وانا بدعي ربنا ان كل حاجة تنتهي على كدا, في اللحظة دي بس افتكرت حاجة مهمة اوي..
"مع انصرافي هاخد معايا حاجة غالية اوي"
ده كان الكلام اللي قاله, وطالما خد الحاجة الغالية يبقا مش هيرجع تاني, وهو ده اللي يهمني, هو غبي وافتكر ان البنت دي بالنسبالي حاجة غالية, بس هي مجرد عاهرة, لو راحت هيجي مكانها الف واحدة, وقتها بس ابتسمت لما جالي خاطر مجنون..
من امتا العاهرات كانوا حاجة غالية, حسيت وقتها ان كل حاجة انتهت, واني خلاص بقيت في أمان, اي نعم كانت تجربة مرعبة, بس كانت تستحق, وعلمتني مقربش من المكان ده تاني, دخلت خدت دش بارد ودخلت لسريري, كانت الشمس بتطلع في الوقت ده خلاص, غمضت عيني وانا حاسس براحة ملهاش مثيل, خاصة لما اشعة الشمس بدأت تنور الاوضة كلها..
ووسط اطمئناني وسكوني ده وبدون مقدمات ضلمت الشقة كلها, وكأن الليل هجم مرة واحدة, فتحت عنيا عشان اتفاجئ بظلام دامس, وجالي نفس الاحساس, الاحساس بحضور حد معايا في المكان..
وحسيت بيه جمبي, وسمعته بيهمس من تاني
" انا جاي اخود الحاجة الغالية قبل ما امشي"
اتشليت وقتها, دمي اتجمد في عروقي, امال لما قتل البنت ده كان ايه, ويا ترى ايه الحاجة الغالية اللي هياخدها مني, وقبل ما اتخيل حسيت بنار ملتهبة بتاكل في عنيا الاتنين, وفي لحظة صرخت صرخة رهيبة من الألم, وقتها سمعت الوشوشة بتقول
"كدا انا خلاص خدتها, الوداع"
فتحت عنيا, بس
بس
بس مفتحتش
حاولت تاني, وتالت ورابع, بس مفيش, انا مش شايف غير ظلام دامس, قمت من مكاني زي المجنون, وقعت, بس قمت تاني, مشيت اتحسس المكان لحد ما وصلت للنور, فتحت الزرار, بس مبيفتحش, مشيت بعشوائية ورعب اكبر, فتحت الشباك, بس مش شايف حاجة, ايوة, ايوة الموبايل..
حسست على السرير لحد ما وصلتله, فتحته, بس مبينورش, الاغاني بتفتح بس مبينورش.. و كانت الصدمة الأخيرة
لما تليفوني رن ورديت:
- انا خلاص دفنت البنت, متنساش بقا تحولي المبلغ الباقي
- هي الساعة كام دلوقتي
- الساعة 8 الصبح
- يعني الشمس طلعت
- سلامة الشوف ما هي شمس الدنيا المالية؟
وصرخت, صرخت صرخة فزع هائل..
انا فقدت البصر, ايوة فقدت البصر, القرين مشي بعد ما خد فعلا حاجة غالية, غالية أوي, وللأسف عقلي كمان شبه راح مع عنيا, وبقيت عايش زي الميت بين قرايبي ومعارفي, محدش طايق واحد أعمى يعيش معاه, بتعاقب عقاب صعب اوي..
ببكي كل يوم في الضلمة وانا مرمي في الشوارع مش عارف اروح, ببكي وانا مش عارف ادخل الحمام ولا اكل ولا اشرب, ببكي وان مش عارف اخرج من اوضتي غير بمساعد, بس انا مخسرتش كل حاجة, لسة الوقت منتهاش..
اي نعم الوقت اتأخر شوية بس لسة الفرصة موجودة, انا توبت توبة نصوحة, وحسيت بالسكينة والراحة في قلبي بعد شهر واحد من العبادة, واكتشفت اخيرا العالم الوحيد اللي ينفع تهرب من الواقع له, العالم ده واسع اوي, وبيسع الكون كله واكتر, العالم ده مكانه بين ايدين ربنا, هناك بس تقدر تهرب من الواقع وتلاقي الحلول والراحة والسكينة في الدنيا وكمان في الآخرة, نجاة من النار, جنة, وراحة تامة في الدنيا..
خدوني عِبرة واعتبروا, الهروب من الواقع هيوديك لأماكن أصعب من الواقع نفسه بمراحل, خليك راجل وواجه الواقع للنهاية, لو عايز تهرب يبقا مفيش غير طريق ربنا, اما اي مكان تاني هيبقا صعب اوي, وهيوديك للحرام, وهتلاقي العقاب القاسي نازل عليك.. الحمد لله اني اتعميت عشان اقدر الاقي الطريق الصح اللي اهرب له, اي نعم فقدت بصري, بس استرديت بصيرتي, والبصيرة أهم الف مرة من البصر..